فصل: تفسير الآيات (94- 96):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآيات (94- 96):

قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96)}.

.مناسبة الآيات لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما أمر بما تضمن أنه كإخوانه من الرسل في كونه بشرًا، أتبعه قوله تعالى عطفًا على: {فأبى} أو {فقالوا}: {وما منع الناس} أي قريشًا ومن قال بقولهم لما لهم من الاضطراب {أن يؤمنوا} أي لم يبق لهم مانع من الإيمان، والجملة مفعول {منع} {إذ جاءهم الهدى} أي الدليل القاطع على الإيمان وهو القرآن وغيره من الأدلة {إلا} وفاعل منع {أن قالوا} أي منكرين غاية الإنكار متعجبين متهكمين: {أبعث الله} أي بما له من العظمة الباهرة من صفات الجلال والإكرام {بشرًا ورسولًا} وسبب اتباع الضلال- مع وضوح ضره- وترك الهدى- مع ظهور نفعه- وقوع الشبهة أو الشهوة لضعفاء العقول- وهم أكثر الناس- في أوله ثم تقليد الرؤساء وتمكن العادة السيئة فيما بعد ذلك، فلما أنكروا كون الرسول بشرًا بعد أن جعلوا الإله حجرًا، علمه جوابهم بقوله تعالى: {قل} لهم: قال ربي سبحانه وتعالى: {لو كان} أي كونًا متمكنًا {في الأرض} التي هي مسكن الآدميين {ملائكة يمشون} عليها كالآدميين من غير طيران كالملائكة إلى السماء {مطمئنين} باتخاذهم لها قرارًا كما فعل البشر {لنزلنا} أي بما لنا من العظمة {عليهم} مرة بعد مرة كما فعلنا في تنزيل جبريل عليه السلام على الأنبياء من البشر، وحقق الأمر بقوله تعالى: {من السماء ملكًا رسولًا} لتمكنهم من التلقي منه لمشاكلتهم له بخلاف البشر كما هو مقتضى الحكمة، لأن رسول كل جنس ينبغي أن يكون منهم، إذ الشيء عن شكله أفهم، وبه آنس، وإليه أحسن، وله آلف، إلا من فضله بتغليب نفسه وعقله على شهوته فأقدره بذلك على التلقي من الملك.
ولما نصب البرهان القاطع على أن القرآن الموحى إليه من عند الله، ونفى شبهتهم في إنكار كون الرسول بشرًا، بأنه ما خرج عن عادة من قبله ممن كانوا مقرين بأنهم أنبياء، وبأن الجنس لا يفهم عن جنس آخر، فالبشر لا يفهم عن الملك إلا بخارقة، ولا يكون ذلك إلا للرسل ومن أراد الله من أتباعهم، لم يبق إلا محض العناد الذي لا رجوع فيه إلا إلى السيف عند القدرة، وإلى الله عند فقدها، وكان في مكة المشرفة غير قادر على السيف، أمره الله تعالى بالرجوع إلى السيف فقال تعالى: {قل كفى بالله} أي المحيط بكل شيء قدرة وعلمًا {شهيدًا} أي فيصلًا يكون {بيني وبينكم} يعامل كلًا منا بما يستحق؛ ثم علل كفايته لذلك بقوله تعالى: {إنه كان بعباده} قبل أن يخلقهم {خبيرًا} بما يؤول إليه أمرهم بعد إيجاده لهم {بصيرًا} بما يكون منهم بعد وجوده. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{تفجر} من الفجر: يعقوب وعاصم وحمزة وعلي وخلف سوى المفضل وابن الغالب. الآخرون من التفجير تكثيرًا للفعل وإن كان الفاعل والمفعول مفردًا {حتى تنزل} بالتخفيف: أبو عمرو ويعقوب. الآخرون بالتشديد {كسفًا} بفتح السين: أبو جعفر ونافع وعاصم وابن ذكوان. الباقون بالإسكان {قال سبحان} بلفظ الماضي: ابن كثير وابن عامر الباقون: {قل} على الأمر {هو المهتدي} بإثبات الياء في الحالين: سهل ونافع وأبو عمرو وفي الوصل. الباقون بحذف الياء {ربي إذا} بفتح الياء: أبو جعفر ونافع وأبو عمرو: {خبت زدناهم} بإدغام التاء في الزاي: أبو عمرو وحمزة وعلي وخلف وهشام وسهل. {لقد علمت} بضم التاء، على التكلم: عليّ. الآخرون بالفتح على الخطاب {قل ادعو} بكسر اللام للساكنين: عاصم وحمزة وسهل ويعقوب وعباس: الآخرون بضمها للإتباع {أو ادعوا} بكسر الواو: عاصم وحمزة وسهل. الباقون بالضم {أيامًّا} حمزة ورويس يقفان على {أيا} ثم يبتدئان {ما تدعوا} ويسمى هذا الوقف وقف البيان. الباقون على كلمة واحدة.

.الوقوف:

{ينبوعًا} o لا {تفجيرًا} o لا {قبيلًا} o لا {في السماء} ط لابتداء النفي بعد طول القصة. وقيل: الأصح الوصل لأن قوله: {ولن نؤمن لرقيك} من كلامهم {نقرؤه} ط {رسولًا} o {رسولًا} o {رسولًا} o {وبينكم} ط {بصيرًا} o {المهتد} ج لعطف جملتي الشرط مع التضاد {من دونه} لا لأن الواو لا يحتمل الاستئناف {وصمًا} o {جهنم} ط {سعيرًا} o {جديدًا} o {لا ريب فيه} ط لتناهي الاستفهام إلى الإخبار {كفورًا} o {الإنفاق} ط {قتورًا} o {مسحورًا} o. ط للابتداء بأن مع اتحاد القائل {مثبورًا} o {جميعًا} o لا للعطف {لفيفيًا}، ط لانقطاع النظام والمعنى. {نزل} ط لابتداء النفي {ونذيرًا}، احترازًا من إيهام العطف {تنزيلًا} o {أولا تؤمنوا} ط {سجدًا}، لا {لمفعولًا} o {خشوعًا} o {الرحمن} ط لتصدير الشرط {الحسنى} ج لانقطاع نظم الشرط إلى النهي مع اتحاد المراد. {سبيلًا} o {تكبيرًا} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)}.
اعلم أنه تعالى لما حكى شبهة القوم في اقتراح المعجزات الزائدة وأجاب عنها حكى عنهم شبهة أخرى وهي أن القوم استبعدوا أن يبعث الله إلى الخلق رسولًا من البشر بل اعتقدوا أن الله تعالى لو أرسل رسولًا إلى الخلق لوجب أن يكون ذلك الرسول من الملائكة فأجاب الله تعالى عن هذه الشبهة من وجوه:
الأول: قوله: {وَمَا مَنَعَ الناس أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الهدى} وتقرير هذا الجواب أن بتقدير أن يبعث الله ملكًا رسولًا إلى الخلق فالخلق إنما يؤمنون بكونه رسولًا من عند الله لأجل قيام المعجز الدال على صدقه وذلك المعجز هو الذي يهديهم إلى معرفة ذلك الملك في إدعاء رسالة الله تعالى فالمراد من قوله تعالى: {إِذْ جَاءهُمُ الهدى} هو المعجز فقط فهذا المعجز سواء ظهر على يد الملك أو على يد البشر وجب الإقرار برسالته فثبت أن يكون قولهم بأن الرسول لابد وأن يكون من الملائكة تحكمًا فاسدًا وتعنتًا باطلًا.
الوجه الثاني:
من الأجوبة التي ذكرها الله في هذه الآية عن هذه الشبهة هو أن أهل الأرض لو كانوا ملائكة لوجب أن يكون رسولهم من الملائكة لأن الجنس إلى الجنس أميل أما لو كان أهل الأرض من البشر لوجب أن يكون رسولهم من البشر وهو المراد من قوله: {لَوْ كَانَ في الأرض ملائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مّنَ السماء مَلَكًا رَّسُولًا}.
الوجه الثالث:
من الأجوبة المذكورة في هذه الآية قوله: {قُلْ كفى بالله شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} وتقريره أن الله تعالى لما أظهر المعجزة على وفق دعواي كان ذلك شهادة من الله تعالى على كوني صادقًا ومن شهد الله على صدقه فهو صادق فبعد ذلك قول القائل بأن الرسول يجب أن يكون ملكًا لا إنسانًا تحكم فاسد لا يلتفت إليه ولما ذكر الله تعالى هذه الأجوبة الثلاثة أردفها بما يجري مجرى التهديد والوعيد فقال: {إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} يعني يعلم ظواهرهم وبواطنهم ويعلم من قلوبهم أنهم لا يذكرون هذه الشبهات إلا لمحض الحسد وحب الرياسة والاستنكاف من الانقياد للحق. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {وما منع الناس أن يؤمنوا} يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم.
{إذ جاءَهم الهُدى} يحتمل وجهين:
أحدهما: القرآن.
الثاني: الرسول.
{إلا أن قالوا أبعث الله بشرًا رسولًا} وهذا قول كفار قريش أنكروا أن يكون البشر رُسُل الله تعالى، وأن الملائكة برسالاته أخص كما كانوا رسلًا إلى أنبيائه، فأبطل الله تعالى عليهم ذلك بقوله:
{قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكًا رسولًا} يعني أن الرسول إلى كل جنس يأنس بجنسه، وينفر من غير جنسه، فلو جعل الله تعالى الرسول إلى البشر ملكًا لنفروا من مقاربته ولما أنسوا به ولداخلهم من الرهب منه والاتقاء له ما يكفهم عن كلامه ويمنعهم من سؤاله، فلا تعمّ المصلحة. ولو نقله عن صورة الملائكة إلى مثل صورتهم ليأنسوا به ويسكنوا إليه لقالوا لست ملكًا وإنما أنت بشر فلا نؤمن بك، وعادوا إلى مثل حالهم. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله تعالى: {وما منع الناس أن يؤمنوا}.
هذه الآية على معنى التوبيخ والتلهف من النبي عليه السلام والبشر، كأنه يقول متعجبًا منهم ما شاء الله كان، ما نمنع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا هذه العلة النزرة والاستبعاد الذي لا يستند إلى حجة، وبعثة البشر رسلًا غير بدع ولا غريب، فيها يقع الإفهام والتمكن من النظر كما {لو كان في الأرض ملائكة} يسكنونها {مطمئنين}، أي وادعين فيها مقيمين لكان الرسول إليهم من الملائكة ليقع الإفهام، وأما البشر فلو بعث إليهم ملك لنفرت طباعهم من رؤيته، ولم تحتمله أبصارهم ولا تجلدت له قلوبهم، وإنما أراد الله جري أحوالهم على معتادها.
{قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}.
روى البخاري أن الملأ من قريش الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم المقالات التي تقدم ذكرها من عرض الملك عليه والغنى وغير ذلك، قالوا له في آخر قولهم: فلتجىء معك طائفة من الملائكة تشهد لك بصدقك في نبوتك، قال المهدوي: روي أنهم قالوا له: فمن يشهد لك؟.
قال القاضي أبو محمد: ومعنى أقوالهم إنما هو طلب شهادة دون أن يذكروها، ففي ذلك نزلت الآية، أي الله يشهد بيني وبينكم الذي له الخبر والبصر لجميعنا صادقنا وكاذبنا، ثم رد الأمر إلى خلق الله تعالى واختراعه الهدى والضلال في قلوب البشر، أي ليس بيدي من أمركم أكثر من التبليغ، وفي قوله: {فلن تجد لهم أولياء من دونه} وعيد، ثم أخبر عز وجل أنهم يحشرون على الوجوه {عميًا وبكمًا وصمًا}، وهذا قد اختلف فيه، فقيل هي استعارات إما لأنهم من الحيرة والهم والذهول يشبهون أصحاب هذه الصفات، وإما من حيث لا يرون ما يسرهم ولا يسمعونه ولا ينصفونه بحجة، وقيل هي حقيقة كلها، وذلك عند قيامهم من قبورهم، ثم يرد الله إليهم أبصارهم وسمعهم ونطقهم، فعند رد ذلك إليهم يرون النار ويسمعون زفيرها ويتكلمون بكل ما حكي عنهم في ذلك، ويقال للمنصرف عن أمر خائفًا مهمومًا: انصرف على وجهه، ويقال للبعير المتفه كأنما يمشي على وجهه، ومن قال ذلك في الآية حقيقة، قال: أقدرهم الله على النقلة على الوجوه، كما أقدر في الدنيا على النقلة على الأقدام، وفي هذا المعنى حديث قيل يا رسول الله: كيف يمشي الكافر على وجهه؟ قال: «أليس الذي أمشاه في الدنيا على رجلين قادرًا أن يمشيه في الآخرة على وجهه؟» قال قتادة: بلى وعزة ربنا، وقوله: {كلما خبت} أي كلما فرغت من إحراقهم فسكن اللهيب القائم عليهم قدر ما يعادون، ثم تثور، فتلك زيادة السعير قاله ابن عباس، فالزيادة في حيزهم، وأما جهنم فعلى حالها من الشدة لا يصيبها فتور، وخبت النار معناه سكن اللهيب والجمر على حاله، وخمدت معناه سكن الجمر وضعف، وهمدت معناه طفيت جملة، ومن هذه اللفظة قول الشاعر: [الهزج]
أمن زينب ذي النار قبيل الصبح ما تخبو ** إذا ما خبت يلقى عليها المندل الرطب

ومنه قول عدي بن زيد: [الخفيف]
وسطة كاليراع أو سرج المج ** دل طورًا تخبو وطورًا تثير

ومنه قول القطامي:
فتخبوا ساعة وتهب ساعا

وقوله: {ذلك جزاؤهم} الآية، الإشارة إلى الوعيد المتقدم بجهنم، وقوله: {بآياتنا} يعم الدلائل والحجج التي جاء بها محمد عليه السلام، ويعم آيات القرآن وما تضمن من خبر وأمر ونهي، ثم عظم عليهم أمر إنكار البعث، وخصه بالذكر مع كونه في عموم الكفر بآيات القرآن، ووجه تخصيصه التعظيم له والتنبيه على خطارة الكفر في إنكاره، وقد تقدم اختلاف القرآء في الاستفهامين في غير هذا الموضع، والرفات بقية الشيء التي قد أصارها البلى إلى حال التراب، والبعث تحريك الشيء الساكن، وهذا الاستفهام منهم هو على جهة الإنكار والاستبعاد للحال بزعمهم.
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}.
هذه الآية احتجاج عليهم فيما استبعدوه من العبث، وذلك أنهم قرروا على خلق الله تعالى واختراعه لهذه الجملة التي البشر جزء منها، فهم لا ينكرون ذلك، فكيف يصح لهم أن يقروا بخلقه للكل وإخراجه من خمول العدم وينكرون إعادته للبعض؟ فحصل الأمر في حيز الجواز، وأخبر الصادق الذي قامت دلائل معجزاته بوقوع ذلك الجائز، والرؤية في هذه الآية رؤية القلب، والأجل هنا يحتمل أن يريد به القيامة ويحتمل أن يريد أجل الموت، والأجل على هذا التأويل اسم جنس لأنه وضعه موضع الآجال، ومقصد هذا الكلام بيان قدرة الله عز وجل وملكه لخلقه، وبتقرير ذلك يقوى جواز بعثه لهم حين يشاء لا إله إلا هو، وقوله: {فأبى} عبارة عن تكسبهم وجنوحهم، وقد مضى تفسير هذه الآيات آنفًا، وقوله تعالى: {قل لو أنتم تملكون} الآية حكم لو أن يليها الفعل إما مظهرًا وإما مضمرًا يفسره الظاهر بعد ذلك، فالتقدير هنا، قل لو تملكون خزائن، ف {أنتم} رفع على تبع الضمير، والرحمة في هذه الآية المال والنعم التي تصرف في الأرزاق، ومن هذا سميت {رحمة}، و{الإنفاق} المعروف ذهاب المال وهو مؤد إلى الفقر، فكأن المعنى خشية عاقبة الإنفاق، وقال بعض اللغويين أنفق الرجل معناه افتقر كما تقول أترب وأقتر، وقوله: {وكان الإنسان قتورًا} أي ممسكًا، يريد أن في طبعه ومنتهى نظره أن الأشياء تتناهى وتفنى، فهو لو ملك خزائن رحمة الله لأمسك خشية الفقر، وكذلك يظن أن قدرة الله تعالى تقف دون البعث، والأمر ليس كذلك، بل قدرته لا تتناهى، فهو مخترع من الخلق ما يشاء، ويخترع من الرحمة الأرزاق، فلا يخاف نفاد خزائن رحمته، وبهذا النظر تتلبس هذه الآية بما قبلها، والله ولي التوفيق برحمته، ومن الإقتار قول أبي داود: [الخفيف]
لا أعد الإقتار عدمًا ولكن ** فقد من قد رزئته الإعدام

اهـ.